مقالات

الأمر الذي لا يمكن نسيانه أبدا

مصدر: 

Portal Cuba.cu

ألبارحة، يوم الأحد، 12 أكتوبر/ تشرين الأول،في الشبكة العنكبوتية  نشرت صحيفة " دي نيو يورك تايمز" -  و هي هيئة صحفية تضع بظروف معينة قواعدا حول الخط السياسي المناسب أكثر لمصالح بلدها – مقالا تحت عنوان:" حان وقت انهاء المقاطعة على كوبا"؛ بوجهات نظر  حول، حسب رأيها،ما ينبغي على البلد القيام به.
 
هناك لحظات حيث يكتب مثل هذه المقالات  صحفي ذو سمعة مثل الذي كان عندي امتياز التعرف عليه شخصيا في الأيام الأولى لنضالنا بسيرا مايسترا، مع ما تبقى من قوة تمت تقريبا تصفيتها بالكامل من قبل طيران و جيش باتيستا. كان ينقصنا الخبرة حينئذ؛ و لم نتصور حتى أن اعطاء هذا الانطباع عن المتانة للصحافة  يمكنه أن يثير الانتقاد.
 
لم يكن يفكر هكذا ذلك مراسل الحرب الشجاع و بتاريخه قد برز اسمه  في الأوقات الصعبة للنضال ضد الفاشية: هيربيرت ماتيوس.
 
كان قدرتنا المفترضة للكفاح أقل بقليل، ولكنها كانت كافية لاستنزاف و هزيمة النظام.
 
كان كارلوس رافائيل رودريغيز و هو مسؤول للحزب الاشتراكي الشعبي، شاهد أعيان بعد معركة الهيغوي- حيث كانت وحدة كاملة للقوات الخاصة مضطرة على الاستسلام بعد 10 أيام من المعركة – عما عبرت عنه  فكنت أخشى من استسلام قوات النظام بيوليو/ تموز عام 1958 عندما كانت قوات النخب تنسحب  بشكل سريع من سيرا مايسترا رغم أنها مدربة من قبل جيران الشمال، الذين يقدمون لها الارشاد و الاستشارة. كنا قد وجدنا الطريقة المؤاتية لهزيمتها.
 
كان لا بد من الاستطراد قليلا بهذه النقطة إذا كنت أريد أن اشرح الحالة النفسية التي قرأت بها المقال المذكور للصحيفة الأمريكية يوم الأحد الماضي.سوف أذكر نصوصه الرئيسية و هي ما بين علامة تنصيص:
 
"... يجب على الرئيس أبامه  أن يشعر بالضيق عندما يلاحظ الحالة المؤسفة للعلاقات الثنائية التي حاولت ادارته ترميمها. من العاقل أن يتأمل الزعيم الأمريكي حول كوبا بجدية حيث تغير السياسة يمكنه أن يمثل انتصارا كبيرا لحكومته.
 
"لأول مرة على امتداد أكثر من قرن، التغيرات لدى الرأي العام الأمريكي و عدد من الاصلاحات في كوبا جعلت من الممكن  و من المفيد سياسيا استئناف العلاقات الديبلوماسية و انهاء مقاطعة غير معقولة. إن نظام الأخين كاسترو  استخدم المقاطعة المذكورة لتبرير أخطائه و أبقى شعبه معزولا  بما فيه الكفاية عن باقية العالم. ينبغي على أبامه اغتنام الفرصة لانهاء عصر طويل من العداء، و مساعدة شعب عانى معاناة  هائلة منذ أن قطعت واشنطن العلاقات الديبلوماسية بعد سنتين من وصول فيدل كاسترو إلى السلطة"
 
"... الحالة المتدهورة للاقتصاد قد فرضت على كوبا اجر اء الاصلاحات.و أصبحت العملية عاجلة أكثر بعد الأزمة المالية لفينيزويلا، لأن كاراكاس تزودها بالبترول المدعوم.خوفا من أن تضطر فينيزويلا إلى  قطع مساعدتها،خطا مسؤولون بالجزيرة خطوات مهمة لتحرير و تنويع اقتصاد كانت خاضعة تاريخية لرقابات صارمة".  
 
"... بدأت الحكومة الكوبية تسمح بأن يعمل مواطنوها بالقطاع الخاص، و أن يبيعوا ممتلكات مثل السيارات و البيوت. في مارس/ آذار، اتخذت الجمعية الوطنية قانونا بهدف جذب الاستثمار الاجنبي. (...) بأبريل/ نيسان بدأ الديبلوماسيون الكوبيون يتفاوضون  حول معاهدة تعاون التي يتمنون التوقيع عليها مع الاتحاد الأوروبي. قد حضروا الاجتماعات الأولى و هم يعدون العدة، قلقون و واعيون من أن الأوروبيين راح يطلبوا المزيد من الاصلاحات و الحريات  المدنية.
 
"ما زالت الحكومة المتسلطة تلاحق المنشقين، الذين يتم اعتقالهم باستمرار لفترات قصيرة. لم تشرح لا هافانا الوفاة المشبوهة للمنشط السياسي أوسوالدو بايا".
 
كما يمكن  تقديره، هذا اتهام مجاني و هو افتراء.
 
" بالعام الماضي اتخذت مرونة  بالقيود المفروضة على سفر الكوبيين، مما سمح بسفر منشقين بارزين إلى الخارج.حاليا يسود جوء من التسامح الأكبر تجاه الذين ينتقدون زعمائهم بالجزيرة.و لكن ما زال العديد منهم يخافون من عواقب الحديث بصراحة و من مطالبة المزيد من الحقوق.
 
" كانت عملية الاصلاحات بطيئة و كانت هناك انتكاسات، و لكن، بالمجموع، تبرهن هذه التغيرات على أن كوبا تعد العدة للعصر ما بعد المقاطعة. تؤكد الحكومة على أنها سوف تستطيع أن تستأنف بسعادة العلاقات الديبلوماسية بالولايات المتحدة دون شروط مسبقة.
 
" كخطوة أولى، ينبغي على الولايات المتحدة  أن تسحب كوبا من القائمة التي ما زالت وزارة الخارجية الأمريكية تضعها لعقوبة البلدان التي تؤيد المجموعات الارهابية. حاليا الأمم الأخرى الوحيدة بالقائمة هي سودان، ايران و سورية. تم انضمام كوبا في 1982 لتأييدها للحركات الثائرة في أمريكا اللاتينية، غير أن هذا النوع من الروابط لم تعد قائمة. حاليا، تعترف الحكومة الأمريكية أن لا هافانا تلعب دورا خلاقا بعملية السلام في كولومبيا،   حيث تخدم كمستضيفة للحوارات ما بين الحكومة الكولومبية و زعماء   المنظمة الفدائية.
 
"بدأت تفرض العقوبات من قبل الولايات المتحدة على الجزيرة في 1961 بهدف طرد فيدل كاسترو من السلطة. على امتداد السنوات، استنتجت بعض الزعماء الأمريكان أن المقاطعة فشلت. على الرغم من ذلك، أي مبادرة لالغائها كانت تترافق بمخاطر اغضاب أي أعضاء المنفى الكوبي و هم يشكلون مجموعة انتخابية كانت حاسمة  بالانتخابات  الوطنية. (...) إن جيل الكوبيين الذين يدافعون عن المقاطعة أصبح ينقرض. أعضاء الأجيال الجديدة لديهم وجهات نظر مختلفة و العديد منهم يشعرون أن المقاطعة كانت لديها تأثير سلبي لا تساعد على ترويج التغيير السياسي. حسب استفتاء ووضع مؤخرا، 52% من الأمريكان من أصل كوبي بميامي يعتقدون أن المقاطعة يجب عليها أن تنتهي.  غالبيتهم تريد اعادة العلاقات الديبلوماسية ما بين البلدين و يشاركهم بهذا الموقف المنتخبون الأمريكان بصفة عامة.
 
" إن كوبا و الولايات المتحدة لديهما مكتبان ديبلوماسيان  بعاصمتيهما و يعرف كمكتب مصالح، الذي يقوم بوظائف السفارة. و مع ذلك، تتوفر عند الديبلوماسيين الأمريكان فرص قليلة للتبادل و التفاعل مع الشعب الكوبي، و اتصالهم بمسؤولي الجزيرة  محدود جدا.
 
" بعام 2009، خطت ادارة أبامه خطوات مهمة  لاتخاذ المرونة عند المقاطعة. حيث أعطوا تسهيلات لبعث  التعويضات  إلى الجزيرة و سمحوا بالسفر إلى كوبا لعدد أكبر من الكوبيين المقيمين  في الولايات المتحدة . و أيضا ووضعت خططا كانت ستسمح بتوسيع الحصول على الهواتف الخلوية و على الشبكة العنكبوتية بالجزيرة. و حتى مع ذلك، من الممكن عمل أكثر من ذلك. فعلى سبيل المثال، من الممكن ازالة القيود المفروضة على مبالغ التعويضات و السماح بايجاد آليات للاستثمار بالشركات الصغيرة  الكوبية و توسيع الفرص أمام الأمريكان  الذين يريدون السفر إلى الجزيرة.
 
" إن واشنطن تستطيع أن تقدم المزيد من التأييد للشركات الأمريكية التي تهتم بتطوير قطاع الاتصالات السلكية و اللاسلكية بكوبا. إنها قليلة التي تجرأت خوفا من العواقب القانونية و السياسية.
 
" في حالة عدم القيام بذلك، تقوم الولايات المتحدة بتقديم السوق الكوبية لخصومها. سافر إلى كوبا رئيس الصين و رئيس روسيا بشهر يوليو/ تموز، و هذا من أجل توسيع  الروابط بينها.
 
" إن مستوى و أبعاد العلاقة يمكنها أن تنمو بشكل معنوي  و هذا ما يعطي لواشنطن المزيد من الأدوات لتأييد اصلاحات ديمقراطية. و هذا من شأنه أن يساعد على كبح موجة جديدة من المهاجرين الكوبيين اليائسين الذين يسافرون إلى الولايات المتحدة ببركات.
 
" علاقة سليمة أكثر يمكنها أن تساعد على حل قضية آلان غروس،خبير في التنمية أصبح لديه حوالي خمسة سنوات معتقل بالجزيرة.
 
" أكثر من ذلك، هذا سوف يوفر فرصا جديدة لتعزيز المجتمع المدني.و بذلك تدريجيا يمكن أن تتقلص الرقابة التي تمارسها الدولة على حياة الكوبيين. إذا كان البيت الأبيض تستطيع أن تخطو بعض الخطوات من جانب واحد، ازالة المقاطعة سوف تتطلب عمل تشريعي بواشنطن".
 
"...بعض زعماء نصف الكرة الأرضية سيجتمعون بمدينة باناما بمناسبة القمة السابعة للأمريكتين. أصر بعض حكومات أمريكا اللاتينية على دعوة كوبا تكسيرا هكذا بتقليد استقصاء الجزيرة بمطالبة من واشنطن.
 
" انطلاقا من عدد الأزمات على الصعيد العالمي، من الممكن أن يعتبر البيت الأبيض أن القيام بنقلة نوعية لسياستها تجاه كوبا ليست أولوية. و مع ذلك،  التقارب من الجزيرة التي لديها أكبر عدد السكان بالكاريبي، مما يحفز انطلاقة  و تنشيط طاقات مواطني احدى المجتمعات المتعلمة أكثر في نصف الكرة الارضية، يمكنه أن يمثل انجازا مهما للادارة. في حالة حدوث ذلك،  سوف يساعد على تحسين العلاقات  ما بين الولايات المتحدة و عدة بلدان بأمريكا اللاتينية و على دفع عجلة بعض المبادرات الاقليمية  التي عانت نتيجة من التناحر ما بين واشنطن و لاهافانا".
 
"... على أثر دعوة كوبا إلى القمة، لم يؤكد البيت الأبيض إذا سيحضر أبامه.
 
" ينبغي عليه أن يحضر. من المهم حضوره و أن يعتبر ذلك كفرصة لتحقيق انجاز تاريخي".
 
احدى المجتمعات المتعلمة أكثر بنصف الكرة الأرضية!!! إن هذا تقدير، و لكن، لماذا لا يقول أن هذا المجتمع لا يشبه أبدا الذي تركنا اياه هاري س. ترومان، عندما حليفه و هو  الناهب الكبير للخزانة العامة فولهينسيو باتيستا استولى على السلطة ب10 مارس/ آذار عام 1952 ،و قد جرى ذلك  قبل 50 يوم فقط من الانتخابات العامة. ذلك الأمر لا يمكن نسيانه أبدا.
 
إن المقال مكتوب، كما يمكن تقديره، بمهارة كبيرة، بحثا عن أكبر فائدة للسياسة الأمريكية بالوضع المعقد، عندما تزداد المشاكل السياسية، الاقتصادية ، المالية و التجارية.يضاف إلى ذلك ما يسفر عن التغير المناخي السريع؛ المنافسة التجارية؛السرعة، الدقة و القوة التدميرية لأسلحة تهدد بقاء الانسانية. ما يكتب اليوم لديه مغزى و أبعاد مختلفة تماما عنما أذيع منذ أربعين سنة فقط، عندما كان كوكبنا مجبورا على احتضان ما يعادل نصف السكان العالمي حاليا  و تزويدهم بالمياه و الأغذية. هذا دونما نذكر مكافحة الإيبولا ، الذي أصبح يهدد صحة  الملايين من الناس.
 
يضاف إلى ذلك أنه بعد عدة أيام سيطرح المجتمع العالمي أمام  الأمم المتحدة إذا يوافق أولا يوافق على الحصار المفروض على كوبا.
 
فيدل كاسترو روز 
أكتوبر/ تشرين الأول 13 عام 2014 
الساعة 8:30 ليلا